.لا للأحزاب الدينية.

.بقلم: طارق حجِّي


  • محمود فهمي النقراشي وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك هم الرؤساء التنفيذيون لمصر خلال معظم السنوات الستين الأخيرة. وقد أطلق المتأسلمون النار عليهم جميعاً فقتلوا النقراشي والسادات وفشلوا في قتل الآخرين.


  • ظن الأمريكيون أنهم يمكن لهم إحتواء أحد أهم زعماء المتأسلمين في مصر وهو عمر عبد الرحمن فأعطوه تأشيرة دخول الولايات المتحدة. وما أن إستقرت له الحال حتى دبر حادث برج التجارة العالمي الأول. فإعتقلوه وأودعوه السجن.


  • يقاتل المتأسلمون في الكويت من أجل عدم إعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسية. وبلغت قوة معارضتهم حد الإنتصار على أمير الكويت.
  • أتذكر هذه الحقائق الكبرى الثلاث وعشرات غيرها كلما تحدث إنسانٌ عن حتمية إنخراط المتأسلمين في الحياة السياسية في مصرَ؛ كما يرتجف قلبي من هول مواقف المتأسلمين من المرأة والأقباط إذ أن مكانتهم عند هؤلاء أعلى قليلاً من مكانة أسرى الحرب والرقيق.

    إن تأسيس حزب سياسي على أساس ديني في مصر هو بمثابة إضرام النار في خزان وقود. فتأسيس حزب سياسي على أساسٍ ديني إسلامي أو تأسيس حزب سياسي على أساس ديني قبطي كلاهما بمثابة فتح بوابات الجحيم وإستدعاء مُلِح لعدم الإستقرار السياسي وإنعدام التنمية الإقتصادية وخروجنا من العصر تعليمياً وثقافياً. ناهيك عن حقيقة أنه لا يوجد (واقعياً) شيء أسمه حزب ديني وإنما حزب لرجال الدين.

    ومع ذلك فإن كاتب هذه السطور يعتبر كل الممارسات غير القانونية التي وقعت في حق المتأسلمين هي جرمٌ كبير في حق الإنسانية. فمشكلتنا مع المتأسلمين لا تحل إلا بالحوار. بمعنى أن الدخول في حوار ممتد مع المتأسلمين هو الطريقة الوحيدة لتحويلهم (على المدى الطويل) لحزب سياسي مدني يقبل ركائز الديموقراطية وهي قبول الآخر وإنتقال السلطة منهم وإليهم والإحترام العصري الكامل للديانات الأخرى وللمرأة والتخلي عما يظنونه من الإسلام وهو في الحقيقة من آثار البداوة والعصور الوسطى وجيوبوليتيكا ذهنية البدو الرحل في الصحراء. ومن حق المجتمع المدني أن يحمي نفسه من أي فريق قبل إكتمال نضجه حسب معايير العصر.

    إن الإسراع في عملية الإصلاح السياسي والإقتصادي والتعليمي هو الضمانة الوحيدة للتقليل من الشعبية غير العقلانية لفكر الجماعات الإسلامية في العالم. فإذا شعرت شعوب المجتمعات الإسلامية بمتعة الحرية والمشاركة وواكب ذلك تحسن ملحوظ في الإقتصاد والظروف الحياتية مع إصلاح تعليمي ملموس – فإن شعوب المجتمعات الإسلامية سينخفض إعجابها غير العقلاني بالجماعات الإسلامية وستدرك تلك الشعوب أن الخير والصواب لا يمكن أن يتوفرا على يد أشخاص مثل قادة هذه التيارات بذهنيتهم المتسمة بالتعصب والبداوة وضيق الأفق وعدم المعرفة بمعظم معطيات العصر.

    إن اليأس وسوء الظروف الحياتية والشعور بالظلم وقسوة الحياة والفساد هي مكونات البيئة المثلى لإزدياد شعبية التيارات السياسية الدينية. إذ أننا نكون في حالة يتواجد فيها "أمل" (وإن كان مستحيل التحقيق) في مواجهة "يأس كبير". والحقيقة أن المتأسلمين لا يمكن أن يكونوا على درجة عالية من الكفاءة. فهم أصحاب "حلم" (وهم؟!) ووعود كبيرة وإعتقاد (لا أساس له) أن لديهم وصفة "فيها البركة" (!؟؟) – ولكنني كقائد إداري لمؤسسة كبيرة لسنوات عديدة لا أعرف ما هي مصادر كفاءتهم. إن "التقدم" ظاهرة إدارية عصرية تتحقق للمسيحي واليهودي والمسلم والبوذي إذا توفرت عناصرها – وعناصر التقدم سياسية/إدارية/إقتصادية/تعليمية إنسانية بلا دين ولا جنسية.

    إن المرحلة السياسية التي ستبدأ هذا العام ولمدة ست سنوات ينبغي (ويمكن) أن تشهد نهاية حلم وصول المتأسلمين للحكم (وتدميرهم لأي فرص للإستقرار والإزدهار في مصر لقرون) وذلك إذا تواكبت التطويرات السياسية والإقتصادية والتعليمية بحيث يصبح الحلم (الوهم؟!) الذي يقدمه المتأسلمون غير مطلوب وغير مرغوب لأن الواقع تخلص من أي سبب يدعو للتعلق بهذا الحلم (الوهم؟!).