المحاور الأربعة .

المحور الأول : دور مصر في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي

 

يوجد توجه في الدوائر السياسية العليا في الخارجية الأمريكية وفي مراكز البحوث ذات التأثير القوي على مطبخ صناعة القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية أن مصرَ لا تقوم بالدور الذي تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن مصرَ قادرةُُ على القيامِ به للوصول إلى إنهاءٍ كاملٍ للصراع العربي الإسرائيلي. وبالتحديد فإن هناك توجه قوي داخل هذه الدوائر بأنه بسبب الدور المصري والسعودي فإن ياسر عرفات لم يصل لاتفاقٍ نهائيٍّ مع "باراك" في صيف سنة 2000 وأنه هو الذي حرك ما يعرف بالانتفاضة وبالتالي فإنه هو الذي تسبب في وصول "شارون" للحكم في إسرائيل. ومن غير المفيد محاولة إثبات خطأ هذا الاعتقاد ولكن الأكثر فائدة هو التركيز على أن أية اتفاقيات تسمى نهائية وهي غير ملبية للحد الأدنى من الطموح العربي (والذي يوجز في وضع مماثل أو شبه مماثل للوضع الذي كان قائماً يوم 4 يونيه 1967) لن توفر السلام والاستقرار المنشودين في المنطقة . كذلك أعتقد أن الرأي في الدوائر السياسية العليا بالولايات المتحدة الأمريكية وإن كان مستعداً للمساعدةِ بهدفِ إنشاءِ دولةٍ فلسطينيةٍ على معظم الأراضي التي احتلت سنة 1967 مع سيادة غير إسرائيلية على منطقة الحرم الشريف بالقدس وعاصمة فلسطينية في ضاحية من ضواحي القدس مع إنهاء كامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي فإنه من الصعب للغاية توقع وجود أي تعاطف أمريكي مع ما يسمى بحق العودة أي عودة الفلسطينيين لإسرائيل. وأَعتقدُ أَنه من المفيدِ صياغة تصور مصري محدد لشكل الاتفاق الذي يجب العمل على بلوغه بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مع مراعاة أن أسباباً كثيرة ستجعل الإدارة الأمريكية الجديدة أكثر تعاطفاً مع إسرائيل (بدوافع المصالح الانتخابية وليس بسبب المبادئ – فليس في التفكير الأمريكي مكان للمبادئ والحقوق الشرعية).

 

المحور الثاني : الحالة الاقتصادية الراهنة في مصر.

 

يوجد في الدوائر العليا في الولايات المتحدة الأمريكية شعورُُ بأن مصرَ بعد أن حققت خطوات عديدة على طريقِ تحريرِ الاقتصاد المصري من بقايا نظام الاقتصاد الموجه وذلك خلال السنوات من 1991 الى 1996 – وهي السنوات التي شهدت مؤشرات اقتصادية إيجابية، فإن السنوات منذ 1997 وحتى الآن تشهد أزماتٍ عديدةٍ . وفي إعتقادي أنه من المفيد أن تكون هناك رؤيةُُ مصريةُُ محددةُُ لأسباب الأزمة الراهنة وسبل علاجها.

 

وأَعتقد أَن أهم أسباب الأزمة الراهنة هي عدم تنقية المُناخ الاقتصادي العام من العديد من الأمور التي تجعل مصرَ غيرَ مغريةٍ بالنسبةِ للاستثماراتِ العالمية ( مع العلم بأنه حتى لو كانت مصرُ مغريةً للاستثماراتِ العالمية فإن تدفق هذه الاستثمارات لن يلقي الضوءَ الأخضر من الجانب الأمريكي قبل الانتهاء من العملية السلمية). كذلك فان هناك مشكلات مصرفية هائلة تحتاج لعلاج اقتصادي وليس لعلاج أمني – فمشكلة القروض المتعثرة لا تحل بالتشهير برجالِ الأعمالِ ورجال البنوك ومحاكمتهم وإنما بمراجعةِ نظمِ الائتمان وجعلها مطابقةً لنظمِ الائتمانِ العصرية – فإذا كانت هناك أخطاءُُ في جانبِ (الذين أخذوا) فإن هناك أيضاً أخطاء في جانب (الذين أعطوا) . ولكن المهم ليس اللوم وإلقاء المسئولية على أحدٍ وإنما تصحيح النظام الائتماني لأنه لا توجد حياة إِقتصادية رائجة بدون ائتمان ، ولا يوجد إئتمان ناجح بدون ضوابط مصرفية علمية.

 

وأَعتقدُ أَنه من المفيدِ الحديثُ مع الجانبِ الأمريكي على نيةِ مصرَ أن تطوِّر القطاعَ الخاص المصري من شكله الحالي (مؤسسات أفراد) الى شكل عصري( الشكل المؤسسي) وأَن يتم ذلك عن طريق التعاون والمشاركة بين القطاع الخاص المصري والقطاع الخاص العالمي حيث يوفر الشريكُ العالمي تقنيات علوم الإدارة والتسويق الحديثة وليس فقط رؤوس الأموال.

 

 

 

المحور الثالث: المناخ الليبرالي في مصر

 

يوجد في الدوائر العليا في الولايات المتحدة الأمريكية شعورُُ بتقلصِ المساحةِ الليبراليةِ في مصرَ بسبب أحداثٍ عديدةٍ مثل قضية الدكتور سعد الدين ابراهيم وعمليات مصادرة الكتب ومشروع قانون وثائق ومستندات الدولة الذي طرح للمناقشة حديثاً وموقف الدولة من بعض الجمعيات الأهلية ومن بينها جمعيات لحقوق الإنسان ، وأَقترح إعداد ورقة عمل مصرية موجزة للسيد الرئيس في هذا الشأن لا تقوم على إنكارِ المشكلةِ وإنما تقوم على إثبات فاعلية التطور التدريجي للديموقراطية والليبرالية وإلا لحدثت انتكاسة تشبه ما وقع في الجزائر منذ سنواتٍ غيرِ بعيدةٍ – ويجب أن يبرز دور الدولة الهام في الحد من حجم التيار الأصولي في مصرَ لأنه لا يوجد مجال للحديث عن مزيدٍ من الديموقراطية والليبرالية في ظلِ استشراءِ التيارِ الأصولي والذي هو العدو الأول للشرعيةِ والتقدمِ والحداثةِ والسلام الاجتماعي في مصرَ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الرابع : المسألة القبطية .

 

تتسمُ وجهةُ نظرِ الكثيرين في مصر ب افتراضيةٍ فحواها أَنه لا توجد مشكلة قبطية في مصرَ. وأعتقد أن هذا الموقفَ يحتاجُ لمراجعةٍ. كما أعتقد ان المصلحة تحتم أَن توجد ورقةُ استراتيجيةُ في هذا المجال.وإذا كان من المسموح لي أن اقترح ملامح هذه الورقة الاستراتيجية فإنني أُوجزُ ركائزها فيما يلي :

أ – توجد مشكلةُُ إداريةُُ كبيرة فيما يتعلق بقواعدِ وإجراءاتِ إنشاءِ الكنائس - وجاري التعامل مع هذه المشكلة وتم تحقيق تقدم كبير خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلا أن الأمر لا يزال في حاجة الى حل جذري يتمثل في إخراج هذه المسألة من يد وزارة الداخلية وإلحاقها بجهةٍ أُخري حكومية تكون هي المسئولة عن وضعِ قواعدِ إنشاءِ دورِ العبادةِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ على أسسٍ موضوعية وليس على أساسِ موافقةِ جهازِ أمن الدولة في بعضِ المراتِ واعتراِضه في بعض المرات على أساسٍ من الحكمِ الشخصيّ لمسئولى الأمن وليس على أساس قواعد موضوعية.

• 

ب - إبراز أنه وإن كانت الدولة بعيدة كل البعـد عن ممـارسة أيـة

ممارسات سلبية ضـد الأقباط إلاَّ أن المناخ العام في بعض المناطق

يتسـم بالتعصب وهو ما يملي على الدولةِ التواجدَ وإقامـةَ التوازنِ

المختل في كثيرٍ من الحالات .

 

ج – عدم وجود أقبـاط في المناصبِ العليا ومجـلس الشعب حقيقةُُ يجـب

الاعتراف بها ووضع سياسات تؤدي إلى تجاوز هذا الوضع المؤسف

(والذي هو من تراكمات مراحل سابقة) .

 

 

د - الاعتراف بوقوع أخطاء إدارية مثلما حدث في الكشح وفي شبرا الخيمة

حديثاً إلاَّ أن الدولةَ تعملُ على وضعِ سياساتٍ تكفل الحدَ من وقوعِ مثل

هذه الاحتقاناتِ.

 

وفي إعتقادي أن وجودَ حوارٍ بين السيد الرئيس (أو سيادتكم شخصياً) وممثلي أقباط المهجر خلال الزيارة المقبلة أمرُ مفيدُ للغايةِ إذْ أَنني أَعتقدُ أن أكثرَ من نصفِ مشكلةِ أقباط المهجر تتمثلُ في عدمِ وجودِ حوارٍ على هذا المستوى – وكلي ثقة أن السيدَ الرئيس الذي إتخذ القرارَ الصائب بالنسبةِ لمشكلةِ كنيسةِ شبرا الخيمة منذ أسابيعٍ لن يتردد في الموافقةٍ على لقاءٍ مع ممثلي أقباط المهجر( إما بشخصه أو عن طريقِ أحدِ كبارِ مساعديه مثل سيادتكمُ المعروف عنهم التعقل وبعد النظر والحكمة في تناولِ الأمور) وذلك أثناء الزيارة المقبلة (في أبريل 2001). على أَلاَّ يكون اللقاءُ لمجردِ المجاملاتِ وانما للاستماعِ الحقيقي لما في صدور وعقول أقباط المهجر والذين هم (باستثناءِ أعدادٍ قليلةٍ جداً) مواطنون مصريون محبون لمصرَ ويؤمنون بأن النظامَ الشرعي القائم في مصرَ اليوم هو البديلُ عن أمورٍ كثيرةٍ ليست في صالحِ الوطنِ ومستقبلِه.